الأمراض المعدية عبر اللمس

الأمراض المنقولة عن طريق اللمس: الوقاية وسبل الحماية

تعد الأمراض المعدية من أبرز التحديات التي تواجه الصحة العامة في العالم اليوم، ومع تقدم الطب واكتشاف الأدوية والعلاجات، تظل بعض الأمراض تنتقل بطرق يصعب التحكم فيها، مثل انتقال العدوى عن طريق اللمس. إن هذه الطريقة في انتقال الأمراض قد تكون غير مرئية وغير مباشرة في كثير من الأحيان، لكنها تظل واحدة من الطرق الشائعة التي يمكن أن تسبب انتشار الأمراض بسرعة.

اللمس كمصدر لانتقال الأمراض

اللمس هو عملية التفاعل التي تحدث بين الجلد وأسطح أو مواد ملوثة. في الواقع، يد الإنسان تُعد من أكثر الأجزاء التي تتعرض للتلوث بسبب تلامسها المستمر مع أسطح مختلفة. في أغلب الأحيان، قد يلامس الشخص العديد من الأشياء مثل المراحيض، مقابض الأبواب، الهواتف، وسائل النقل العامة، وغيرها من الأسطح التي قد تحتوي على ميكروبات.

من خلال هذه الملامسات، يمكن للبكتيريا والفيروسات أن تنتقل إلى اليد، مما يشكل خطرًا على الصحة عند ملامسة الأشخاص لوجوههم أو طعامهم أو أسطح أخرى قد تحتوي على الميكروبات. لذلك، يمكن أن يكون اللمس هو نقطة انطلاق للعديد من الأمراض المعدية إذا لم يتم اتخاذ تدابير وقائية.

الأمراض الشائعة المنتقلة عن طريق اللمس

1. الإنفلونزا والزكام
   
   تُعد الإنفلونزا من أكثر الأمراض انتشارًا خلال فترات معينة من السنة، وخصوصًا في فصل الشتاء. يمكن للفيروس المسبب للإنفلونزا أن يعيش على الأسطح لعدة ساعات، وبالتالي فإن لمس الأسطح الملوثة ثم لمس الأنف أو الفم أو العينين يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالفيروس. علاوة على ذلك، يمكن أن ينتقل الزكام أو “الرشح” بالطريقة نفسها، حيث توجد العديد من الفيروسات التي تتسبب في التهاب الجهاز التنفسي العلوي.

2. النزلات المعوية والتسمم الغذائي
   
   البكتيريا مثل الإشريكية القولونية Salmonella وClostridium perfringens يمكن أن تنقل عبر الطعام أو الماء الملوث. عند ملامسة الأسطح الملوثة بهذه البكتيريا، يمكن نقل العدوى إلى الشخص عند تناول طعام أو لمس فم الشخص بعد لمس الأسطح الملوثة.

3. فيروس كورونا (COVID-19)
   
   منذ تفشي جائحة فيروس كورونا، أصبح من المعروف أن الفيروس يمكن أن ينتقل من خلال الأسطح الملوثة. الفيروس يمكن أن يعيش لفترات متفاوتة على الأسطح مثل المعادن، البلاستيك، والزجاج، ومن خلال ملامسة هذه الأسطح يمكن أن ينتقل الفيروس إلى الشخص. الأمر الذي دفع الخبراء الصحيين إلى التحذير المستمر من أهمية غسل اليدين بشكل منتظم وتجنب لمس الوجه.

4. الهربس (Herpes Simplex Virus)
   
   الهربس هو مرض فيروسي يمكن أن ينتقل عبر ملامسة الأسطح الملوثة أو حتى ملامسة الجلد المصاب. الأشخاص الذين يعانون من تفشي الهربس في منطقة الشفاه يمكن أن ينقلوا العدوى إلى الآخرين عبر اللمس، خاصة إذا لم يتم اتخاذ تدابير وقائية مثل تغطية الجروح المفتوحة أو غسل اليدين بشكل جيد بعد ملامسة المنطقة المصابة.

5. القمل والجرب
   
   يعد الجرب والقمل من الأمراض الجلدية التي تنتقل عن طريق الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين أو عبر ملامسة الأسطح الملوثة. القمل يمكن أن ينتقل عبر الوسائد، الأمشاط، الملابس، أو أي شيء يستخدمه الشخص المصاب.

6. التهاب الكبد الفيروسي
   
   بعض أنواع التهاب الكبد، مثل التهاب الكبد A، يمكن أن تنتقل عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة أو الأطعمة والمشروبات الملوثة. عند ملامسة الشخص لأسطح ملوثة بالفيروس ثم وضع يده في فمه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة بالمرض.

آلية انتقال الأمراض عن طريق اللمس

تبدأ العدوى عندما يلمس الشخص سطحًا ملوثًا بالفيروس أو البكتيريا. يمكن أن تكون هذه الأسطح ملوثة ببراز أو دم أو إفرازات تنفسية تحتوي على الميكروب. عندما يلمس الشخص هذه الأسطح، تنتقل الجراثيم إلى يديه. ومن ثم، إذا لم يقم بغسل يديه أو تطهيرهما، يمكن أن تنتقل الجراثيم إلى جسمه من خلال العينين أو الأنف أو الفم.

عند دخول الميكروبات إلى الجسم عبر هذه القنوات، تبدأ العدوى في الانتشار داخل الجسم، وتظهر الأعراض بعد فترة من الوقت. يُعد غسل اليدين بشكل منتظم أحد أهم طرق الوقاية من هذه العدوى. ولكن في حال غياب هذه العادة الصحية، فإن الشخص يصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية.

كيف يمكن الحد من انتقال الأمراض عن طريق اللمس؟

1. غسل اليدين بانتظام
   
   يعد غسل اليدين بالماء والصابون من أبسط وأهم الطرق لمنع انتقال الأمراض. من المهم أن يتم غسل اليدين لمدة لا تقل عن 20 ثانية، مع التأكد من فرك جميع أجزاء اليد مثل الأصابع، الأظافر، والمعصمين.

2. استخدام معقمات اليدين
   
   في الحالات التي لا يتوفر فيها الماء والصابون، يمكن استخدام معقمات اليدين التي تحتوي على نسبة 60% أو أكثر من الكحول. تساعد هذه المعقمات في قتل معظم الميكروبات التي قد تكون موجودة على اليدين.

3. تجنب ملامسة الأسطح الملوثة
   
   يمكن تقليل خطر الإصابة عن طريق تجنب لمس الأسطح العامة مثل مقابض الأبواب، وسائل النقل العامة، وما إلى ذلك. كما يُفضل استخدام الأدوات الشخصية لتقليل احتمال انتقال العدوى.

4. تنظيف الأسطح بشكل دوري
   
   يجب أن يتم تنظيف الأسطح الملوثة بانتظام باستخدام المنظفات والمعقمات المناسبة، خاصة في الأماكن العامة أو داخل المنازل التي تضم أفرادًا معرضين للإصابة بالأمراض.

5. استخدام المناديل عند لمس الأسطح العامة
   
   في الأماكن التي يتعذر تجنب لمس الأسطح العامة، يمكن استخدام مناديل ورقية أو مناديل مطهرة للمس الأشياء التي قد تكون ملوثة، مثل مقابض الأبواب أو آلات الدفع.

6. تجنب لمس الوجه
   
   تعتبر العينان والفم والأنف من أكثر المناطق التي يدخل من خلالها الميكروب إلى الجسم. لذلك يجب تقليل لمس الوجه باليدين، خاصة إذا كانت اليد ملوثة.

7. تعزيز التعليم والتوعية الصحية
   
   يعد التوعية بأهمية النظافة الشخصية والوقاية من الأمراض أمرًا حيويًا في الحد من انتشار العدوى. ويجب أن يتم ذلك على نطاق واسع في المدارس، المستشفيات، وأماكن العمل لضمان أن الأفراد يكونون على دراية بكيفية الحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

خاتمة

إن الأمراض المنقولة عن طريق اللمس تشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة، إذ يمكنها الانتشار بسهولة وسرعة عبر التلامس البسيط. لذلك، من الضروري أن نتبع إجراءات الوقاية الصارمة مثل غسل اليدين بانتظام، تجنب لمس الأسطح الملوثة، واستخدام معقمات اليدين لضمان حماية أنفسنا ومن حولنا من الأمراض المعدية. ومع استمرار البحث العلمي وتطور الفهم حول كيفية انتشار الأمراض، يجب أن نكون أكثر حرصًا في العناية بنظافتنا الشخصية والمشاركة في نشر الوعي حول كيفية الحد من انتشار الأمراض المنقولة عن طريق اللمس.